الإسلام دين عظيم لم يترك لا شاردة ولا واردة تخص المسلم سواء في دنياه أو أخراه إلا ووضحها.
والمعلوم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم بالعروق ، ولذلك فإنه يوقع بعض الناس من ضعاف النفوس في ذنب الحسد ، وفي نفس الوقت يحاول الإضرار بالبعض الآخر من الذين يصابوا بهذا الحسد وكله بقدر الله.
وفي البداية يجب أن ننوه على أن الالتزام بأذكار الصباح والمساء ، تجعلك في حصن الله الحصين ، الذي يكون لك حماية من كل يضرك.
رقى رسول الله ﷺ نفسه
إن وقع المحظور ووقعت فريسة للعين والحسد ، فاعلم أن لك رب رحيم بعباده قال في كتابه (وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٞ وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارٗا) الإسراء (82) ، فأنزل على النبي سورتي الفلق والناس اللتين كان يرقي بهما النبي نفسه وأحفاده ، كما صح في الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرقي بالمعوذتين ، كما في صحيح البخاري، ومسلم، عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين، وينفث، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها.
وأيضا ما ورد في صحيح البخاري ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة. فلما نزلت المعوذتين أخذ بهما ، وترك ما سواهما من التعويذات، ففي سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان ، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما.
أهمية الرقية الشرعية
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أو أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم أن نسترقي من العين. رواه البخاري.
وأيضا (رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة جارية في وجهها سفعة فقال: استرقوا لها؛ فإن بها النَّظرة). رواه البخاري.
ما الذي يجعل الرقية الشرعية ذات نتيجة بإذن الله تعالى؟
من أفضل ما ذكر في هذا الباب ما أورده الإمام ابن القيم في كتابه مدارك السالكين حيث أوضح أن (موافقة الدواء للداء، وبذل الطبيب له، وقبول طبيعة العليل، فمتى تخلف واحد منها لم يحصل الشفاء، وإذا اجتمعت حصل الشفاء ولا بد بإذن الله سبحانه وتعالى).
ومن عرف هذا كما ينبغي تبين له أسرار الرقى، وميز بين النافع منها وغيره، ورقى الداء بما يناسبه من الرقى، وتبين له أن الرقية براقيها وقبول المحل، كما أن السيف بضاربه مع قبول المحل للقطع، وهذه إشارة مطلعة على ما وراءها لمن دق نظره، وحسن تأمله، والله أعلم انتهى كلامه.
ولو أننا تقبلنا فكرة أننا ربما نقوم نحن بالحسد والعين ولو بدون قصد ليسرنا على عباد الله الكثير فانظر إلى هدي النبي وأصحابه فيما ورد عنهم عند معرفة العائن:
فإذا عُرف العائن فيُؤمر بأن يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك: أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل فقال: والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة: قال: فلبط سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت. اغتسل له. فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه؛ فراح سهل مع الناس. رواه مالك.
أفضل ما يسترقى به :
وقد فصل الإمام ابن القيم في كتابه الطب النبوي ، أفضل ما يسترقى به من طرق الرقية الشرعية مثل ، التعوذات والرقى الإكثار من قراءة المعوذتين وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، ومنها التعوذات النبوية مثل:
- أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.
- أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة.
- أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شرفتن الليل، والنهار، ومن شر طوارق الليل إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن.
- أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون.
- اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك.
- أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأسماء الله الحسنى، ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم.
- اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم. من كتاب الطب النبوي لابن القيم
وختامًا علينا بحفظ أنفسنا من شر العين والحسد وذلك بالالتزام بأذكار الصباح والمساء وكذلك الرقية الشرعية وأيضًا حفظ أنفسنا من أن نكون سببًا في إصابة مسلم بالعين أو الحسد وذلك بالالتزام بهدي النبي فقد روى البزار في مسنده وابن السني من حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام قال: «من رأى شيئا فأعجبه، فقال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، لم يضره».