صلى الله على معلم الناس الخير، لقد حرص النبي أشد الحرص على الاهتمام بكل مظاهر العبادة ، إضافةً إلى أنه كان أحرص الناس على تعليم أمته أدق تفاصيل الدين ، فمن اللافت جدًا للنظر كمية الأحاديث التي تصف وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وذلك لأنه كان يولي اهتمامًا كبيرًا بهذه العبادة ، وتعليم كيفية الوضوء ، وكيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ.
لماذا الاهتمام بكيفية الوضوء؟
تخيل معي أنك تقف بين يدي ملك من ملوك الدنيا تطلب منه حاجتك ، لا شك أنك ستتعمد أن تكون في أبهى حلة ، وعلى خير صورة فقط في الشكل الظاهري ، وذلك لأنه لا يعلم بباطنك
ولله المثل الأعلى ، فأنت حينما تقف بين يدي ملك الملوك المطلع على ظاهرك ، وباطنك فلا بد من تطهير الظاهر والباطن ، وهنا تتجلى أهمية الوضوء الذي إن التزمنا به على سنة النبي ، فلا شك من حدوث هذا التطهير الظاهري والباطني.
بدايةً علينا أن نعرف أنه لا تجوز الصلاة بدون طهور ، وذلك بإجماع العلماء ، والدليل من القرآن الكريم قوله تعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]
دليل الوضوء من السنة المطهرة:
دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول. وكنت على البصرة. ( رواه مسلم )
وهنا قد يسأل سائل كيف يمكن للوضوء أن يطهر الإنسان داخليا ونجيبه بحديث النبي صلوات الله وسلامه عليه:
روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قَطْر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئةٍ كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قَطْر الماء، فإذا غسل رِجْليه خرجت كل خطيئةٍ مشَتْها رِجْلاه مع الماء أو مع آخر قَطْر الماء، حتى يخرُجَ نقيًّا من الذنوب)؛ (مسلم – حديث: 244).
وكذلك ما روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟)، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرةُ الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّباط، فذلكم الرِّباط)؛ (مسلم – حديث: 251)
كيفية الوضوء الصحيح :
ذكرها الإمام مالك في سنده: أن عثمان بن عفان دعا يوما بوضوء ، فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض ، واستنثر ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليسرى أيضاً إلى المرفق ثلاث مرات ، ثم مسح رأسه وأذنيه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعب ثلاث مرات ، ثم غسل رجله اليسرى إلى الكعب ثلاث مرات. وأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه. أخرجه البخاري ومسلم
سنن الوضوء:
- التسمية في أوله
- السواك، فيستحب للمتوضئ أن يستاك
- غسل الكفين ثلاثا أول الوضوء
- المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم
- تخليل اللحية الكثيفة
- تخليل أصابع اليدين والرجلين
- لبداءة باليمين قبل اليسار
- تكرار غسل العضو مرتين أو ثلاثا
- الذكر بعد الانتهاء من لحديث عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ، فَيُسْبِغُ اَلْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ اَلْجَنَّةِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ وَاَلتِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ: اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ اَلتَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ
هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الوضوء:
كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة في غالب أحيانه، وربما صلى الصلوات بوضوء واحد ، وكان يتوضأ بالمد تارة، وبثلثيه تارة، وبأزيد منه تارة، وذلك نحو أربع أواق بالدمشقي إلى أوقيتين وثلاث.
وكان من أيسر الناس صبا لماء الوضوء، وكان يحذر أمته من الإسراف فيه، وأخبر أنه يكون في أمته من يعتدي في الطهور وقال: (إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان فاتقوا وسواسه. (زاد المعاد ابن القيم).
اقرأ أيضاً :
كيفية أداء صلاة قيام الليل بالتفصيل
كيفية صلاة الاستخارة بالطريقة الصحيحة؟